تحقيقات فرنسية بعد واقعة تدنيس مسجد وسط صدمة الجالية المسلمة
فتحت وزارة الداخلية الفرنسية تحقيقًا موسعًا عقب حادثة وُصفت بـ"المقلقة" استهدفت مسجد الرحمة ببلدية "لوبوي-أون-فيلاي"، بعدما اكتشف القائمون على المسجد تمزيق عدد من المصاحف وإلقاء كتب دينية داخل إحدى قاعات الصلاة، وهي الواقعة التي تحوّلت بسرعة إلى قضية رأي عام محلي، دفعت السلطات إلى التحرك الفوري وطمأنة الجالية المسلمة.
وزير الداخلية الفرنسي لوران نونيز عبّر عبر "منصة X " عن إدانته الشديدة للحادث، مؤكدا أن الاعتداءات التي تستهدف المعتقدات الدينية "لا مكان لها داخل الجمهورية".
ووفق ما نقلته صحيفة Le Progrès عن النيابة العامة الفرنسية، فقد دخل شخص أو مجموعة أشخاص إلى المسجد في غياب المصلين، قبل أن يعمدوا إلى تمزيق عدد من المصاحف وتخريب كتب دينية دون ترك أي رسالة أو مؤشر يكشف دوافعهم، حيث تشير المعطيات الأولية إلى أن العملية جرت بهدوء ودون تكسير للأبواب، ما يجعل التحقيق منصبًا على كيفية الولوج والمدة التي قُضيت داخل المكان.
وأوضحت إدارة المسجد في منشور على صفحتها في "فايسبوك" أن الشرطة وصلت إلى الموقع فور الإبلاغ عن الحادثة، وقامت برفع البصمات وحجز تسجيلات كاميرات المراقبة، في إطار الخطوات التقنية المعتادة لفتح مسار جنائي واضح، إذ حرص أحد مسؤولي المسجد على التأكيد أن الضرر بقي ماديا ولم يُسجّل أي اعتداء على أشخاص، مشيرا إلى أن الجالية المسلمة في المدينة "متماسكة ومطمئنة، رغم وقع الصدمة".
ودخل محافظ المنطقة، بدوره على خط القضية، معلنًا دعمه الكامل للمؤسسة الدينية المستهدفة، ومؤكدا تعبئة مختلف الوحدات الأمنية لجمع الأدلة والوصول إلى الجناة، حيث يأتي هذا الموقف في سياق حرص السلطات المحلية على تظهير مسافة واضحة من أي عمل يمكن أن يُقرأ كإخلال بحرية المعتقد.
الردّ الأبرز من الهيئات الدينية جاء من جانب المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي أدان الاعتداء واعتبره عملا "إسلاموفوبيا خطيرا يستهدف بشكل رمزي الكتاب المقدس للمسلمين داخل مكان عبادة"، حيث دعا المجلس مسلمي فرنسا إلى التحلي باليقظة، مشددا على أن حماية المساجد مسؤولية جماعية تتقاسمها الدولة والمجتمع.
وتعيد هذه الحادثة طرح سؤال الأمن داخل أماكن العبادة، خصوصا في المدن الصغيرة التي لا تعتمد أنظمة مراقبة معززة مقارنة بالحواضر الكبرى، كما تضع السلطات أمام تحدي منع تكرار مثل هذه الاعتداءات التي غالبًا ما تُقرأ ضمن سياقات التوتر الهوياتي في البلاد.
وفي انتظار نتائج التحقيق، يسود شعور مختلط بين القلق والغضب داخل الجالية المسلمة في البلدة المذكورة، لكن مع تأكيد واضح على الثقة في الإجراءات الأمنية، وعلى أن مثل هذه الأعمال المعزولة لن تنال من تماسك الساكنة أو من روح التعايش التي تميز المنطقة.




